صدر بتاريخ (2005)

ومضة كاشفة ... مع نجوى عبد العزيز تعرفت عليها في واحة منتدى المثقف العربي، ورائدة متميزة في مكتبتي الثقافية بحي المهندسين بالقاهرة، وكأنها العذراء في محرابها.
عرفتها تحمل مشعل الرسالة الخالدة إلى أبناء أمتها، ولبراعم أغصان المستقبل في كتابات شائقة، وتصويرات هادفة بليغة هدفها الناشئة من بنين وبنات.
فهي مرة تقص لهم الأقاصيص، ومرة تكتب لهم الشعر والأناشيد، وغالبًا ما تكشف لهم أستار تخفي من ورائها واقعًا من حياة الغد، لكنني ما علمتها قاصةً إلا حينما قدمت إليَّ كتابها هذا لأصدره بكلمةٍ لا تزيد شيئًا من قيمته، إنما قد تزيد من قيمة معلومات القارئ.
فالقصة القصيرة النابعة من الخيال الواسع، والتي تستهدف بعث القيم الفاضلة هي موضوع هذا الكتاب.
لكن التصوير الفني المدهش، الذي يختزل قصة طويلةً لحياةٍ كاملةٍ في صفحتين فقط هو الذي استوقفني أكثر من كاتبة هذه القصة الرائعة، إنها تمتلك أدوات القاصة بكل أساليبها الفنية، وخيالاتها الواسعة، كما تمتلك آلافًا من صور الحياة الاجتماعية المتعددة، والمتشابهة والمتنافرة، حتى شكلت بثروتها التصويرية مدينةً كاملة من مجتمع فاضل، حافل بدواعي البكاء، وعوالم الأحزان.
بل مدنًا عامرةً بقصور التجارب الحقيقية، والمغامرات البشرية، التي تحمل قارئ هذه القصص ليعيش خلال قراءته القصة وكأنه معنيٌّ بكل فصولها، ومخاطب بكل أحداثها ووقائعها، وأنا واحد من أولئك، فما قرأت قصة من قصص نجوى عبد العزيز إلا تخيلت أنها تقصدني، وتوجه إليَّ الخطاب، وخناجر العتاب.
إن نجوى كعادتها موفقة في كتبها، وأساليبها لأنها أديبة تمتلك أدوات التصوير الفني، والخيال الواسع، مع معايشة حقيقية للمجتمع المصري خاصة، والعربي بشكل نسبي. فغاصت في أحشاء بحار الأخبار والمآسي والمسرات، واستفادت من نضج عقلي، وموهبةٍ وجدانيةٍ زانتها سلامة الفطرة، متعها الله بتلكم المواهب فجندت وحشدت كل تلك الأدوات في إنتاج هذا العمل السلسبيلي الممتع.
ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم...